dimanche 28 avril 2013
lundi 22 avril 2013
|
سقراط
لم يكن من أسرة ممتازة، بل لم يكن من أسرة متوسّطة، وإنّما كان إلى الطّبقة الدّنيا أقرب منه إلى الطّّبقات الأخرى: كان أبوه حفّارا وكانت أمّه قابلة، ولم يكن حسن الخلق ولا جميل الطّلعة وإنّما كان قبيح المنظر ممقوت الشّكل ولكنّه كان ذكيّ القلب نافذ البصيرة شديد الفطنة.ولم يكن بدعا بين الأثينيّين في عصره، وإنّما سلك السّبيل الّتي يسلكها غيره من النّاس. يقال: إنّه تعلّم مهنة أبيه ولكنّه لم يمض فيها. ومهما يكن من شيء فقد كان كغيره من الشبّان الأثينيّين يختلف إلى المجالس العامّة، وإلى الحمّام، وإلى محالّ الألعاب الرّياضيّة، وكان يستمع إلى للخطباء ويحاور كلّ من لقيه ضروبا من الحوار غريبة لم يألفها النّاس، في ألفاظ إن لم تكن راقية مهذّبة، فقد كانت قويّة خلاّبة ساحرة. وما هي إلاّ أن كلف به الشبّان وكلف بهم فسعوا إليه، أو قل: سعى إليهم، فلم تكن مدرسة، وإنّما هو مدرسة متنقّلة، يحاور في الميادين العامّة وفي حوانيت الحذّائين وغيرهم من الصنّاع، وفي أروقة الحمّام وفي الملاعب الرّياضيّة.
... وكان حسن الدّعابة، بل لم يكن حواره إلاّ دعابة متّصلة وهزلا مستمرّا. ولكنّ هذه الدّعابة الحلوة وهذا الهزل الّلذيذ، لم يكونا إلاّ ستارا لطيفا شفّافا ينمّ بما دونه من حقّ وجدّ. لم تكن له مدرسة ثابتة، ولم يكن له موضوع بعينه يدرسه أو يحاوره فيه، وإنّما كان يدرس كلّ شيء، كان لا يتقاضى على علمه أجرا، لأنّه كان يعتقد أنّه لا يعلّم النّاس شيئا . فليس غريبا أن يفتن به الجمهور من شباب أثينا. وليس غريبا أن يتسامع به النّاس في "أتكا" ثمّ في البلاد اليونانيّة الأخرى. وليس عجيبا أن يقدم اليونانيون من أقطار الأرض على أثينا ليلقوا سقراط ويتحدّثوا إليه. ولكنّ حادثةً حدثت فغيّرت من سيرة سقراط ورأيه في نفسه شيئا كثيرا. ذلك أنّ أحد المعجبين به، وكانوا كثيرين، ذهب إلى "دلف" وسأل "أبلون" (وهو إله النّور والموسيقى والشّعر عند اليونان. كان معبده في دلفى يقصده اليونانيّون ليحلّ مشاكلهم): أبين فلاسفة اليونان وحكمائهم من يفوق سقراط أو يبلغه فلسفة وحكمة؟ فأجابت الكاهن أن لا. وبلغ ذلك سقراط، فحمله على أن يتبيّن السّبب الّذي بعث الإله "أبلون" على أن يعلن أنّه أحكم النّاس وأحسنهم فلسفة. ولم يكن سقراط يرى في نفسه هذا الرّأي، وإنّما كان يرى أنّه أشدّ النّاس جهلا وأقلّهم حظّا من علم أو فلسفة. وما هي إلاّ أن أخذ في البحث والتّحقيق، فألمّ بالحكماء والفلاسفة، وبالشّعراء والكتّاب وبالصنّاع وأهل الفنّ، يحادثهم ويسألهم ويعلم علمهم، حتّى انتهى إلى هذه النّتيجة، وهي أنّه أحكم النّاس حقّا. ذلك لأنّه رأى هذه الطّبقات كلّها شديدة الغرور قويّة الإيمان بحظّها من العلم أو الفلسفة أو الشّعر أو الفنّ. شديدة الجهل بنفسها ورأى أنّه هو الرّجل الوحيد الّذي لا يغرّه شيء، ولا يعلم إلاّ شيئا واحدا هو أنّه شديد الجهل بكلّ شيء. وكان القدماء قد كتبوا على معبد "دلف" هذه الحكمة القديمة: "اِعْرفْ نفسك بنفسك" فما أسرع أن اتّخذها سقراط شعارا له وقاعدة لحياته وحواره وتعليمه ـ وما أسرع ما اعتقد أنّ "أبلون" قد كلّفه مهمّة عظيمة الخطر هي أن يبثّ الحكمة في النّاس ويعلّمهم أن يعرفوا أنفسهم بأنفسهم. من ذلك الوقت جدّ سقراط في تأدية رسالته.
طه حسين
"قادة الفكر" دار المعارف بمصر، ط، 10، 1971 ص.ص 32 ـ 36
|
أتوسّع : محور أعلام و مشاهير
باستور
في اليوم السّادس من شهر جويلية سنة 1885 زارت باستور في عيادته امرأة من مقاطعة الألزاس تصطحب معها ولدها البالغ من العمر تسع سنوات. وكان الصّبيّ ويدعى "جوزيف ميستر" مصابا بعضّ من كلب مصاب بداء الكلب انقضّ عليه بينما كان ذاهبا وحده إلى المدرسة متوغّلا في مسلك ضيّق وسط الحقول.
ولمّا لم يكن في ميسور طبيبه الّذي كان يعالجه عمل أيّ شيء له أرسله إلى الدّكتور باستور.
ولكن هل كانت لدى باستور الشّجاعة الكافية ليطعم الطّفل مصْله الّذي طالما نجح نجاحا تامّا مع الكلاب المرضى ولم يخفق ولو مرّة واحدة ؟ هل يقوم بحقن مكروبات داء لكلب في دم الولد ؟ ولكنّ باستور كان يعلم أنّ الصّبيّ سيموت حتما إذا لم يعالج...
وهكذا، وقف باستور حائرا متردّدا يتنازعه عاملان متعاكسان: إمكانيّة تحقيق آماله وأحلامه نحو البشريّة من جهة وشدّة وساوسه وهواجسه وتخوّفاته من جهة أخرى، واستدعى مساعده ليسأله عمّا إذا كان يعتبر مسؤولا عن موت الفتى في حالة وفاته.
وبعد تفكير طويل تشجّع باستور وبدأ يحقن الطّفل بمصل الكلب جَرَعَاتٍ خفيفةً تتلوها جرعاتٌ أقوى منها يوما بعد يوم لمدّة شهر. وقلّما كان يأكل أو ينام أثنا قيامه بهذه العمليّة، بل كثيرا ما كانت تنتابه نوبات من القلق والذّعر والفزع والحمّى فيزور مريضه ويجلس بالقرب منه.
وفي الثّلث من أوتٍ أرسل باستور خطابا لابنه يقول فيه: " إنّ أخبار الصّبيّ طيّبة للغاية وما إن يأتي يوم غدٍ حتّى يكون قد مضى على إصابته واحد وثلاثون يوما".
وتوجّه باستور إلى الرّيف للاستجمام بعد أن أنقذ حياة الصّبيّ الّذي كان أوّل شخص ينجو من الموت عن طريق حقنه بمصل الكلب.
كاترين شين
ترجمة الدكتور محمّد عيسى
من كتاب "روّاد الطبّ" مكتبة النّهضة المصريّة، سنة 1962
بعض المواضيع لمحور أعلام و مشاهير
|
Inscription à :
Articles (Atom)